الأحد، 1 يناير 2012

أسباب البناء غير الشرعي

 أسباب البناء غير الشرعــي
إن البناء غير الشرعي ظاهرة قديمة و متشعبة في الجزائر[116] ص 18، من حيث أسباب النشأة فمن أزمة السكن الحادة المتراكمة مع الزمن، إلى مشكلة ضبط سندات الملكية العقارية، مرورا بفوضى السوق العقارية الفضاء و المبنية، دون أن ننسى أسباب الفقر الذي نخر المجتمع و أيضا غياب التنمية الشاملة المتوازنة المستدامة، كما لا يمكننا أن ننكر أسباب غياب الأمن بالمفهوم الضيق أو الأمن الاجتماعي في الريف أو الداخل أو الجنوب للأشخاص ممن اجتذبتهم عوامل الجذب نحو المدينة و ما رتبته من نزوح نحوها و إجهاد أرضها و مرافقها بفعل كثرة طلب السكن و العمل، و لعل ذلك يرجع إلى طريقة السلطة في إدارة إقليم الجزائر و ملف العقار و التعمير عبر مختلف القوانين، فكان لتعدد هذه الأسباب و تأثيرها على استفحال ظاهرة البناء غير الشرعي أن سعينا إلى أن نختار بعضها و أن نحللها إلى العوامل الدافعة إلى البناء غير الشرعي ، و أسباب عدم فعالية قوانين التعمير المتبعة في الجزائر .
1.1.2.1.العوامل الدافعة إلى البناء غير الشرعي
هي جملة العوامل المتداخلة فيما بينها التي تفاعلت مع حاجة و طبيعة الأفراد بالخصوص فحملتهم على سلوك مخالف لقانون التعمير و تشييد البناءات غير الشرعية، فهي – هذه العوامل -المناخ العام الذي سمح بتفريخ البناء غير الشرعي كرها و تحوله إلى ظاهرة أو أزمة، و قد اخترنا منها ثلاثة عوامل كان لها الأثر الكبير و هي آثار سياسة تهيئة الإقليم، تأثير قوانين تقييد الملكية العقارية الخاصة للفترة ما قبل 18-11-1990، حدة مشكلة السكن.
1.1.1.2.1.آثار سياسة تهيئة الإقليم المتبعة في الجزائر
1.1.1.1.2.1. طريقة أسلوب تهيئة الإقليم للتحكم في ظاهرة التعمير الوقاية من البناء غير الشرعي
إن تهيئة الإقليم نظام خاص تسترشد به الدولة في تنظيم العلاقة بين أقاليمها المتباينة لتحقيق تكافؤ الفرص لكل إقليم و إبراز مواهبه و إمكانياته الجغرافية[145]، و دعم شخصيته المحلية أو إعادة التوازن بين الأقاليم المختلفة التي تعرف الفوارق، عن طريق التركيز على علاقة الإنسان بالأرض و السعي إلى خلق مجتمع متنوع له القدرة على الاستمرار و النجاح[118] ص 27، فسياسة تهيئة الإقليم تمتاز بالأسلوب الشمولي و التوجيهي للتحكم في ظاهرة التعمير القطرية عن طريق خلق عوامل لتثبيت السكان و توزيعهم المتزن على كامل الأقاليم[145] تفاديا لظاهرة التحضر[39] ص 12، التي تواجه المراكز العمرانية في الجزائر و انعكاساتها السلبية المتمثلة في فقدان السيطرة على عمليات التخطيط العمراني و الإسكاني و كذا تهيئة و تطوير المدن[18] ص 01، من أجل ذلك تتدخل أدوات تهيئة الإقليم لتجسيد تلك الأهداف في شكل توجيهات عامة مفروضة للربط بين كامل مستويات عمليات التخطيط و الجهوية و الولائية و المحلية و هي لذلك تحث على[145]:
1.1.1.1.1.2.1. تأمين عدد من عوامل أمن و استقرار السكان في الأقاليم
و هي عوامل عدة منها :
· عوامل الأمن الاجتماعي المباشرة عن طريق تنفيذ برامج متكاملة للرعاية و التنمية الاجتماعية.
· عوامل غير مباشرة كتأمين مرفق اقتصادي يكون جذابا لمهن أخرى، و معاينة الكفاءات المهنية التي يتمتع بها أهالي تلك المنطقة.
· تمييز كل منطقة بوظيفة أو دور، لتتكامل الاحتياجات فيما بينها و يزيد التبادل الداخلي بشكل يوطد العلاقات بين الأقاليم.
2.1.1.1.1.2.1. اقتراح الوجهة المفضلة لاستعمال أراضي و موارد الأقاليم
طبقا لثلاثة معايير أساسية تشتمل على طبيعة الأرض و موقعها – مميزاتها – المعوقات:
· و يتشكل عنصر طبيعة الأرض و موقعها من المناطق الحضرية الكبرى في حدود نطاق المدن الكبرى، و المناطق الريفية و الأراضي الزراعية و المواقع الطبيعية ذات الأهمية الأكيدة على الصعيد المحلي أكثر منها على الصعيد الوطني، و مناطق الثروة الزراعية التي أنفقت عليها الدولة مبالغ طائلة لتنفيذ مشاريع الري و التجهيز، إذ تقتضي المصلحة الوطنية حصر استعمال هذه الأراضي لغايات زراعية دون غيرها ، كذلك الحال بالنسبة لمناطق الثروة الطبيعية الوطنية كالجبال و الغابات، و مناطق الهضاب العليا و السهوب، فهي عنصر أساسي في تكوين البيئة يتطلب ترقية خاصة و حماية من الإعمار الفوضوي.
· في حين يتشكل عنصر المميزات من الساحل و المناظر الطبيعية، المواقع الثقافية فهي عوامل للجذب السياحي التي تتطلب قوانين و أنظمة لحمايتها و تثمينها.
· و يتمثل عنصر المعوقات في عدة عوامل أبرزها الأراضي المعرضة للأخطار، إذا يتعين أن تتوجه سياسة تهيئة الإقليم في هذا المجال إلى تحميل هاته المناطق بقيود إضافية و تخفيض عامل الاستثمار و عدم السماح بالبناء عليها أو عن طريق ترك فراغات مكانية بين السكن و المناطق الصناعية، و التوجيه نحو عدم تجهيز هاته المناطق بالبني التحتية بشكل يحفز على العمران بها.
3.1.1.1.1.2.1.خلق قاعدة معلومات حول السكان و الإسكـــان[33] ص 40
تترتب هذه القاعدة بفعل عملية إحصاء السكان و الإسكان، التي تسمح بتوفير بنك للمعلومات حول ديموغرافية و وضعية الأقاليم، و تفيد هذه الإحصائيات السلطة المركزية في تقدير الاحتياجات التي يمكن توظيفها في التخطيط على المستوى الوطني و المحلي في مجالات الإسكان و التخطيط العمراني و في صياغة سياسات التشغيل و مكافحة الفقر، و تحسين مستوى المعيشة و مراجعة توزيع الثروات على المناطق، وفق معايير أكثر موضوعية.
فإلى أي حد ساهم أسلوب إدارة إقليم الجزائر – لما سبق - في التحكم في الوضع العمراني و بالنتيجة الوقاية من البنايات غير الشرعية ؟.
2.1.1.1.2.1.الآثار السلبية لأساليب التعامل مع الإقليم منذ الاستقلال
لقد ورثت الجزائر عند استقلالها إرثا ثقيلا خلفه الاستعمار متمثل في بنية تحتية و حضرية متهالكة إذ ركز على تنمية المدن الساحلية الكبرى، و بعض المدن الداخلية، مقابل تطبيق سياسة الأرض المحروقة في الريف و الترحيل القسري للسكان نحو المحتشدات و حرمانهم من الخدمات و المرافق[18] ص 20،و ترتب على النهج بعد الاستقلال تركز أكثر من 74 ٪ من السكان فوق مساحة 4٪ من الوطن[13] ص 56، فحتم ذلك على الجزائر البحث سياسة لتدارك الآثار السلبية على الإقليم منذ ذلك التاريخ و التي يمكن تقسيمها: إلى المرحلة الأولى تمتد من سنة1967 إلى 27-01-1987 ، المرحلة الثانية تمتد من سنة 27-01-1987 إلى 12-12-2001 ، المرحلة الثالثـة تمتـد 12-12-1987 إلى غاية اليوم.
1.2.1.1.1.2.1. سياسة للتوازن الجهوي من 1967 إلى 27-01-1987
ساد هذه الفترة البحث عن أسلوب لإعادة توازن الأقاليم و تصحيح الفروقات الجهوية المرتكبة من أجل إعادة توزيع السكان دون أن يتم تحديد إطار قانوني واضح للعملية، فقد نص الميثاق الوطني لسنة 1976 على أن سياسة التوازن الجهوي تجسم الاختيار الأساسي للثورة و تسعى إلى القضاء على البؤس، و في توفير حياة لائقة لكل مواطن دون أدنى تمييز و هي إذ تعبر عن التضامن الوطني و جعل « إقامة حزام صناعي جديد فوق سهول الهضاب العليا، و على تخوم الأطلس التلي و الأطلس الصحراوي » عاملا مفضلا لإدارة الإقليم فالمصنع بحسب هذه السياسة يسمح بتثبيت السكان في أماكنهم و بتخفيف الضغط على الساحل[108] ص 06.
و جسدت المخططات الوطنية ذلك فاستولى قطاع الصناعة على أكبر نسبة من الاستثمارات المخصصة على حساب قطاع السكن و الإسكان المهمش ضمن عملية التنمية الشاملة[24] ص 57، و نشأت بفعل ذلك العديد من المصانع و الأقطاب الصناعية عشوائيا في المناطق التالية :
· المناطق الحضرية الكبرى و بجوار المناطق السكنية في العاصمة، عنابة، قسنطينة، سكيكدة و أصبحت هذه الأماكن فيما بعد مناطق الخطر الكبير الصناعي .
· في المناطق الصناعية كما حددها مشروع قسنطينة الاستعماري حيث تقع خارج المجمعات الحضرية طبقا لتعليمة وزارة الأشغال العمومية في 30-04-1975 لكنها منجزة على الأراضي الفلاحية و غير بعيدة عن المجمعات السكنية[108] ص 10.
· على الأراضي الزراعية البعيدة المعزولة و غير المجهــزة بالمرافق و السكنات.
و لما أقيمت هذه المصانع نشأت معها العديد من مناصب الشغل وفق أجور مرتفعة مقارنة بالعمل الفلاحي في الريف، دون أن تتوازى برامج التصنيع مع برامج السكن لإيواء لعمال المستقطبين و عائلاتهم، فتحتم عليهم تشييد الأحياء غير الشرعية بجوار العمل المرتبط بالمصنع تفاديا لعملية التنقل المكلفة و الصعبة في غياب قوانين عمرانية صارمة تحافظ على المجال الحضري، فعلى سبيل المثال سجلت ولاية عنابة في سنة 1970 لوحدها حوالي 38.000 بناء قصديري بجوار مركب الحجار لوحده[109] ص 51، كما انتشرت ظاهرة الشغل غير الشرعي للأراضي الفلاحية من قبل أشخاص لا تربطهم صلة بالمستثمرة الفلاحية التي هجرها أصحابها[107] ص 26،28 ، وغني عن البيان الفشل الذريع لهذا الأسلوب في إعادة التوازن و تأثيره على كافة أوجه الضبط العمراني عبر الوطن كما بينه ميثاق 1986 الذي جاء فيه أن «...إنشاء مراكز استقطاب صناعية ساحلية، مما زاد في حدة الميول إلى التمركز الحضري السريع..و كان من الممكن أن يؤدي استمرار هذا الوضع إلى استقرار نصف السكان في المناطق المنخفضة و السهول الشمالية التي تمثل 2٪ من التراب الوطني ...و قد نتج عن النمو غير المضبوط و الفوضوي للتجمعات السكنية الكبرى...» .
2.2.1.1.1.2.1.سياسة التهيئة العمرانية من 27-01-1987 إلى 12-12-2001
لقد فرضت النتائج السلبية للمرحلة ما قبل 1987 ضرورة البحث عن تصحيح الأسلوب المتبع في إدارة الإقليم عن طريق تبني سياسة جديدة للتهيئة العمرانية تجسيدا لاختيارات الميثاق الوطني لسنة 1986 فصدر بذلك القانون 87-03 المؤرخ في 27-01-1987 المتعلق بالتهيئة العمرانية كأول تشريع إطار يحكم تهيئة الإقليم في الجزائر يصبو إلى الاستعمال الأمثل للمجال الوطني من خلال التوزيع المحكم للأنشطة الاقتصادية و الموارد البشرية، الاستغلال العقلاني للموارد الطبيعية ، لكن لسوء الحظ فقد ولد هذا النص ميتا بسبب الأزمة الاقتصادية التي أصابت البلاد آنذاك كما أنه لم يلحق بأي نص تطبيقي[117] ص 42، و بقي الحال كذلك إلى أن دخلت البلاد بعد ذلك في دوامة الفوضى العمرانية العارمة و انشغلت بالمشكلة الأمنية إلى غاية 2001، من بين السلبيات التي أفرزتها هذه المرحلة إنجاز أدوات التعمير لـ 1500 بلدية من أصل 1541 بوتيرة سريعة خلال اجل سنة واحدة و تقدير أن 1,6 مليون مواطن نزحوا إلى المدن لأسباب اقتصادية و أمنية[55] ص 215، و الانتشار الكبير للمساكن غير الشرعية في المدن الكبرى.
3.2.1.1.1.2.1.سياسة للتهيئة الإقليمية و التنمية المستدامة انطلقت من 12-12-2001
من جديد فرضت مرحلة الفوضى العمرانية على السلطات البحث عن إطار جديد لإدارة الإقليم الجزائري بمناسبة مناقشة ملف الجزائر غدا إذ عد القانون 87-03 في نظر السلطة، قانونا يعبر عن مرحلة تجاوزها الزمن بعد التراجع عن الخيار الاشتراكي، و تم إثر ذلك تبني القانون 01-20 المؤرخ في 12-12-2001 المتعلق بتهيئة الإقليم و تنميته المستدامة كأسلوب جديد يهدف إلى « تنمية الفضاء الوطني تنمية منسجمة و مستدامة على أساس الاختيارات الإستراتيجية التي تقتضيها التنمية، السياسات التي تساعد على تحقيق هذه الاختيارات، تدرج في أدوات تنفيذ سياسة تهيئة الإقليم »[145] بدءا من المخطط الوطني لتهيئة الإقليم وصولا إلى المخطط الولائي لتهيئة الإقليم و التي تشكل مرجعا توجيهيا لمؤسسات الدولة عند مباشرة المشاريع، رغم احتواء هذا النص على العديد من القيم النظرية لإدارة الإقليم إلا أن توجيهاته بقيت حبرا على ورق، فلم تلتزم بها الإدارة عند إجراء تعديل أدوات التعمير التي يتم المصادقة عليها في غياب كامل لأدوات هذا القانون[58] ص 38، نتيجة عدم إعدادها أو التأخر الكبير في ذلك، ناهيك على أن توجيهاتها لا تكتسي طابعا إلزاميا طبقا للقانون 01-20 مما سمح ذلك للإدارة بمخالفتها عند إعداد المشاريع المحلية بشكل أثر سلبا على مردودية التخطيط العمراني و الإسكاني المحلي، و عاد الأمر من جديد إلى البحث عن مشروع قانون يتضمن تعديل المادة الأولى من القانون المذكور من أجل إلزام كل القطاعات الوزارية والجماعات المحلية والمؤسسات الوطنية والمحلية باحترام ضوابط وقواعد المخطط الوطني لتهيئة الإقليم، والعمل بها في إعداد كل مشاريعها ومخططاته .
2.1.1.2.1.تأثير قوانين تقييد الملكية العقارية الخاصة للفترة ما قبل18-11-1990
وهي قوانين تقييد و تحديد الملكية العقارية الخاصة المتبعة قبل صدور دستور 1989 التي تأخر إلغاؤها إلى غاية 18-11-1990 تاريخ صدور قانون التوجيه العقاري و التي تنظر بعين العداء للملكية الخاصة العقارية الواسعة و لا تعترف بها إلا في نطاق تلبية حاجيات الفرد للقيام بشؤونه و شؤون أسرته في العمل و السكن و الثقافة و وسائل الصحة و الترفيه، و لتتمكن السلطة من تجسيد هذا المبدأ و تجريد الملاك من هذا الحق ابتدعت قانونين كان لهما أثر بالغ في الانتشار السريع و الكبير للبناءات غير الشرعية هما الأمر71-73 المؤرخ في 08-11-1971 المتضمن الثورة الزراعية [138] المطبق في الريف، الأمر رقم74-26 المؤرخ في 20-02-1974 المتضمن تكوين احتياطات عقارية لصالح البلديات المطبق في الوسط الحضري .
1.2.1.1.2.1.أثر الأمر 71-73 المتضمن الثورة الزراعية على انتشار البناءات غير الشرعية
بهدف التحكم في ظاهرة تجزئة الأراضي الزراعية، و تحقيق التوازن بين القطاع العصري و التقليدي في الوسط الريفي، أنشأت لجنة وطنية في أوت 1966 لإعداد مشروع ميثاق الثورة الزراعية ليفرج عنه بموجب الأمر71-73 المؤرخ في 08-11-1971 المتضمن الثورة الزراعية[118] ص 10، و الذي ينص العديد من المبادئ منها :
· عصرنة و تحديث القطاع الفلاحي و الريفي.
· تحديد الملكية الخاصة الزراعية ، و القضاء على الملكية الاستغلالية [127] لحساب الدولة.
· تحقيق المساواة عن طريق إعادة توزيع الأراضي و وسائل الإنتاج على الفلاحين.
· حظر المعاملات العقارية الواردة على الأراضي الزراعية بعد نشر القانون و بطلان السابقة بأثر رجعي يمتد إلى 05-07-1965 [127].
و تقرر أن أسلوب تأميم الأراضي، و إدراجها في ملكية الدولة مقابل تعويض لا يتناسب مع الأراضي المنتزعة وسيلة لتحقيق أهداف الثورة، في وقت افتقد فيه التأميم إلى شرعية قانونية واضحة[04] ص145 ، يقبلها الملاك، فقد لاقى تطبيق المرحلة الثانية من الثورة الزراعية التي شملت 557.618 هكتار من أملاك الخواص أساليب معارضة شديدة و متنوعة منها الإسراع في عملية تعمير الأراضي الفلاحية و البناء عليها بشكل غير الشرعي بغرض تحويلها عن وجهتها الفلاحية أو عن طريق تهريبها في السوق الموازية بعقود عرفية[52] ص 204، تحمل تاريخا رجعيا للتملص- في نظر الأفراد- من أحكام قانون التوثيق و قد راج هذا الإيجاب و قابله عروض مرتفعة لفائدة حاجة عمال المصانع الجدد للسكن[108] ص 25، كما أن العديد من الفلاحين قد تركو الأرض نتيجة ذلك هروبا من مصير غامض[39] ص 67، و نزوحوا جماعيا إلى المدينة للبحث عن الأفضل فخرجت هذه الأخيرة عن دوائرها بعد أن عجزت عن استيعاب الكم الهائل من السكان الجدد و الوظائف الجديدة، فكلها امتلأت حتى الاختناق من تراكمات فوضوية لظواهر غير محددة، وتحّولت ضواحيها إلى مناطق عمرانية من مزيج غريب للأشكال.
2.2.1.1.2.1.أثر الأمر 74-26 المتضمن تكوين احتياطات عقارية لفائدة البلديات
صدر الأمر رقم 74-26 المؤرخ في 20-02-1974 كأداة لترسيخ السياسة العقارية للدولة في تلك المرحلة في المجال الحضري[114] ص 17، و بموجبه ألزمت البلديات بتكوين احتياطات عقارية من الأراضي مهما كان طابعها القانوني ضمن النطاق العمراني، و هو يقوم على جملة من الأسس أهمها :
- تحديد الملكية الخاصة للأفراد الواقعة في النطاق العمراني للبلدية : فطبقا للمواد 02،05 ، 06 من قانون الاحتياطات العقارية يتم إدماج جميع الأراضي الواقعة في المحيط العمراني مهما كانت طبيعتها القانونية سواء كانت تابعة لأملاك الدولة و الجماعات المحلية أو أملاكا الوقفية[128]، أو أملاكا للخواص التي لا يعترف بها إلا في حدود الاحتياجات العائلية و المهنية، و ما زاد عن ذلك يدمج مقابل تعويض محدد قانونا لا يتناسب مع الملكية المنزوعة بموجب عملية تفتقد إلى شرعية قانونية واضحة[93] ص 20- 25، تتم بمجرد تحديد النطاق العمراني البلدي الدائم طبقا للمادة 156 من الأمر 67-24 المؤرخ في 18-01-1967 المتضمن القانون البلدي و الذي استعيض عنه بمخطط تعمير مؤقت مطاط «élastiqué»و غير ثابت.
- تجميد التصرفات العقارية و حق البناء و احتكار البلدية للمعاملات العقارية: يترتب عن تحديد مخطط التعمير البلدي أثران باعتبار موقع الأرض منه، ففي داخله يمنع الأفراد من التصرف في أراضيهم لفائدة الغير و تستثنى من هذا المنع البلدية باعتبارها الفاعل الوحيد الذي يحتكر عملية الاكتساب و التنازل و تهيئة الأراضي و تجزئتها بهدف القضاء على المضاربة و التحكم في ميدان البناء[52] ص 206، و تكوين الاحتياطات اللازمة لاستقبال الاستثمارات، أما في خارجه فتبقى الأراضي مقيدة و مشمولة بارتفاق عدم البناء[166].
إن نتائج هذا الأمر لا يمكن و صفها إلا بالمدمرة فقد خلفت آثار كبيرة في ميدان البناء غير الشرعي لا تزال إلى اليوم، إذ انحصر تفكير الملاك في كيفية مقاومته و البحث عن طريقة للتخلص من أراضيهم عن طريق طرحها في السوق الموازية بعقود عرفية، و قد لقيت العملية رواجا و بأثمان مرتفعة مقارنة مع تعويض الإدماج في ظل عوامل ندرة الأراضي و تجميد حقي التصرف في الملكية و البناء و أزمة السكن الحادة، كما ساعد كثيرا قبول تسجيل هذه السندات غير الشرعية بموجب للمادة 178 من قانون المالية التكميلي لسنة 1983 مقابل تحصيل 2٪ من المعاملة العقارية غير الشرعية و وصل عدد البنيات غير الشرعية بفعل الاحتياطات العقارية إلى حوالي 350.00 بناية في سنة 1985[118] ص 10، لوحده تنتظر التسوية، هذا العدد اعتبر عامل ضغط وقوة أجبر المشرع على الاعتراف بحقوق الشاغلين في ميدان التملك و السكن بموجب المرسوم التنفيذي 85-212 المؤرخ في 13-08-1985 الذي يحدد شروط تسوية هاته الأوضاع الذي لم يسهم كثيرا في حل المشكلة مع توافر استمرار أسباب البناء غير الشرعي – و منها الأمر 74/26- فقد ثبت أن عددها – البناءات غير الشرعية – قد تجاوز 411849 في سنة 1987[120] ص 380، لوحدها، من جهة أخرى سجل عجز البلديات عن تغطية تعويض العديد من القطع المدمجة التابعة لأملاك الدولة بسبب التداخل و التسيير المركزي للاحتياطات[114] ص 11، و عليه استحال نقل الملكية و اقتصر الأمر في العديد من الحالات على تسليم المستفيدين عقودا إدارية غير مشهرة و رخصا للبناء دون أن يكونوا مالكين .
3.1.1.2.1.حدة مشكلة السكن في الجزائر
يعتبر السكن الحاجة الاجتماعية الأكثر حساسية للفرد بعد الأكل و الملبس، و الأكثر تأثيرا على حياته، و التي يؤدي عدم إشباعها إلى ظهور عدة مشاكل في جميع الميادين[115] ص 11، و منها تشييد المساكن غير الشرعية على شكل تجمعات و أحياء كبيرة، من أجل هذا تولي دول العالم هذا القطاع أهمية بالغة بالخصوص السكن الموجه للفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود باعتبارها الشريحة الأكثر تضررا .
في هذا الصدد تعاني الجزائر من أزمة سكنية[39] ص 19، حادة، قديمة و متراكمة منذ سنوات السبعينات مرجعها العجز على التوفيق بين مقاربة عرض السكنات المقبولة و طلب الفئات محدودة الدخل التي تمثل غالبية السكان دون الإخلال بالميزانية العامة، و قد تناسبت هذه الأزمة دوما بشكل طردي في حدتها مع انتشار البنايات غير الشرعية ، رغم السياسة السكنية المتبعة التي فشلت في تطويقها أو الحد منها و يعود سبب ذلك إلى عوامل عدة لا يسعها هذا البحث لوحده فكان أن ركزنا على بعضها بحسب موقعها من المرسوم التشريعي 93-03 المتعلق بالنشاط العقاري الذي رفع عن الدولة احتكارها و فتح الباب أمام القطاع الخاص للمنافسة و الشراكة، اختصرناها في السلبيات المترتبة على إدارة ملف السكن و الإسكان قبل 01-03-1993 و العراقيل التي واجهت تسيير الملف بعد ذلك:
1.3.1.1.2.1.أسباب تتعلق بسلبيات إدارة ملف السكن و الإسكان قبل01-03-1993
تتميز هذه الفترة باحتكار القطاع العمومي للسكن و غياب المنافسة و المهارات (الدولة تنتج و توزع) كما أنه لم يحظ باهتمام الدولة خلال فترة السبعينات و الثمانينات التي اعتبرته قطاعا غير استراتيجي مقارنة مع سياسة التصنيع، إذا استفاد مجال السكن و الإسكان من نسبة ضئيلة من الاستثمارات المخصصة[109] ص 43، ناهيك عن عدم حرفية مؤسسات الإنجاز المسند إليها مشاريع البناء التي لم تحترم لا مدة الإنجاز و لا المعايير الصحية و السكنية في سكنات التي أنجزت على شكل بناءات جاهزة ضيقة و أنماط هندسية موحدة في كل المناطق لا تراعي متطلبات العائلة الجزائرية .
و لقد عرفت سياسة التوزيع هي الأخرى عدة سلبيات بسبب المعالجة الموحدة لطلبات السكن دون تفريق بين مختلف الشرائح الاجتماعية و تشجيع أعوان الدولة و المسؤولين عن عملية التوزيع على المضاربة، الأمر الذي ولد لدى الشرائح الشعبية المعوزة شعورا بالإقصاء المتعمد[79] ص 14، و ضرورة التوجه نحو البناء غير الشرعي، و لم يشكل فتح الباب أمام بعض المتدخلين بموجب القانون 86-07 المؤرخ في 04-03-1986 المتعلق بالترقية العقارية[115] ص 28، تغييرا يذكر بسبب الوضع العام الذي لا يحفز على الاستثمار فقد اقتصرت الإنجازات المسجلة على تحقيق نتائج ضعيفة منذ انطلاقها قدرت بـ 72.000 وحدة سكنية فقط.
2.3.1.1.2.1.العراقيل التي واجهت تسيير الملف بعد 01-03-1993
تميزت هذه المرحلة بتحرير سوق الأراضي في ظل للقانون 90-25 المؤرخ في 18-11-1990 المتضمن التوجيه العقاري و السوق السكني في ظل المرسوم التشريعي 93-03 المتعلق بالنشاط العقاري، الذي أعلنت بموجبه الدولة عن تبني سياسة جديدة في ميدان السكن و الإسكان تمتاز بالمظاهر التالية:
- انفتاح النشاط العقاري على جميع المتدخلين العموميين و الخواص و تشجيع نشاط الترقية العقارية عن طريق منح المرقين الامتيازات المالية و العقارية .
- التفريق في معالجة طلبات مختلف الشرائح الاجتماعية، فيخصص السكن العمومي الإيجاري للطبقة الفقيرة، في حين يخصص السكن المدعم للطبقة المتوسطة .
- تأطير التمويل السكني الذي يمسح للعائلات باقتناء سكن، عن طريق إنشاء مؤسسات مكلفة بتمويل و تسيير و تنفيذ التدخلات العمومية في مجال السكن و هي الصندوق الوطني للسكن، الحساب الوطني للسكن، صندوق ضمان الكفالة المتبادلة للترقية العقارية ، شركة إعادة التمويل الرهني، شركة ضمان القرض العقاري.
و رغم المناخ الجديد إلا أن العجز بقي مسجلا و متراكما، بسبب عدة عراقيل أخرى منها :
- نقص المعلومات العقارية و عدم تطهير سندات الملكية العقارية الفضاء و المبنية، فقد شكل غياب عقود الملكية لدى العديد من الخواص أو عدم مسايرتها للوضع الحالي عرقلة حقيقة لممارسة البناء أو الولوج إلى سوق العقارات المبنية و غير المبنية كما تعذر عليهم نتيجة ذلك تمويل مشروع البناء الذي يبقى عملية مكلفة، و لا يخفى أيضا تأثير التأخر الكبير للبلديات في جرد العقارات و إعداد الفهرس العقاري البلدي طبقا للمادة 38 من قانون التوجيه العقاري لمعرفة كل الشاغلين و تصفية الوضعية بتسليم شهادة الحيازة تبعا لذلك[118] ص 41 .
و كذا الحال بالنسبة لبرنامج المسح العقاري الذي انطلق فعليا في سنة 1979 على أن يتمم في آجال 15 سنة فهو الآخر يعرف تأخرا ملحوظا، فإلى غاية 2006 لم يتم مسح إلا مساحة 59٪ من الوطن و انعكس هذا التأخر على تكوين قاعدة معلوماتية عن الطاقة العقارية الكامنة في الوطن و خصائصها[34] ص 29، الاستثمارية، و عليه تركز ضغط طلب المرقين العقاريين المتضمن الحصول على الأراضي من أجل البناء أمام الدولة للاستفادة من الأراضي التابعة للأملاك الوطنية الخاصة في إطار قوانين الاستثمار.
- إشكالية ندرة الأساس العقاري الصالح للبناء كما حددته أدوات التعمير فالسكن و الأرض الحضرية متلازمتان و وجهان لنفس المشكلة، و لقد أدى النمو المتسارع الذي عرفته المدن الجزائرية إلى تشبع نسيجها الحضري و نفاذ احتياطاتها العقارية دون أن تتم مراجعة أدوات التعمير إلا عند بحث البرنامج السياسي المتعلق بالإنتاج الكمي للسكنات التي تجاوزت المليون وحدة في كل برنامج.
- غياب سوق إيجارية سكنية و عزوف الملاك عن طرح سكناتهم الشاغرة في هاته السوق، فمن جهة الدولة فإن الجزء الأكبر من المساكن المنجزة بأموال العمومية المؤجرة بأسعار رمزية قد تم تنازل عنها بأثمان رمزية لم تغط قيمتها الحقيقية و لم تسمح بتعويض المسكن المفقود، في حين تأثر المؤجرون بإفراط الأمر 75-58 المؤرخ في 26-09-1975 المتضمن القانون المدني في تقييد حرية التعاقد و إيجار المحال السكنية، و لم يؤثر كثيرا تعديل القانون المذكور بالمرسوم التشريعي 93-03 المتعلق بالنشاط العقاري و القانون 07-05 المؤرخ في 13-05-2007 المعدل للقانون المدني إذ ساد عملية التأجير في الجزائر الفوضى و العزوف عن الاستثمار فيها إذ قدرت أكثر من مليون و نصف مليون وحدة سكنية سكن شاغرة، و يتوقع لاشتراط شهادة المطابقة قبل أي شغل لكامل المساكن المنجزة بأثر رجعي عن نشر القانون 08-15 الموافق لـ 03 -08-2008 أن يزيد في حدة هذه الأزمة .
2.1.2.1.أسباب عدم فعالية قوانين التعمير المتبعة في الجزائر
و نتعرض إلى مسألة فعالية قوانين التعمير[96] ص195، بسبب الحجم الكبير للمخالفات المرتكبة و الآثار المترتبة عليها في الجزائر، و ترتبط هذه فعالية و نجاح قوانين التعمير على وجه العموم بتحقيق :
· مرونة و توافق هذه القوانين مع المتغيرات العصرية، أي أن يسبق التشريع دائما، جميع أعمال التخطيط و التحديد الدقيق للمفاهيم المؤثرة على استعمال الأراضي في المستقبل.
· دقة و إحكام الرقابة على تنفيذ أدوات التعمير و القواعد العامة للتهيئة و التعمير عن طريق إحكام الرقابة على جميع المباني و المنشآت في إطار المشروع أو التعديل لمنع قيام الحالات الفعلية، و تسند هذه الرقابة إلى جهاز حاسم، إذ أن الرقابة ترهن سبب وجود القانون.
و إذا كانت أسباب البناء غير الشرعي التي تطرقنا لها في الفرع الأول تتعلق بالعوامل التي حملت الأفراد على البناء غير الشرعي فإن الأسباب المتعلقة بفعالية قوانين التعمير تتعلق بضبط و رقابة حركة البناء و العمران على الأرض و التي قسمناها بدورها إلى أسباب تتعلق عدم فعالية قوانين التعمير في حد ذاتها و أخرى تتعلق بعدم عدم فعالية قوانين التعمير بسبب اختلال الرقابة العمرانيـة .
1.2.1.2.1.عدم فعالية قوانين التعمير في حد ذاتها
في هذه الحالة قد يشوب قوانين التعمير العيوب أو حالة من الإغفال و عدم الإحاطة الشاملة بالظاهرة المنظمة بشكل يسمح بانسياب البناء غير الشرعي بين ثنايا القانون .
1.1.2.1.2.1.لمحة عن قوانين التعمير في الجزائر
1.1.1.2.1.2.1.الأمر 75-67 المؤرخ في 26-09-1975 المتعلق برخصة البناء و رخصة تجزئة الأرض
يعتبر أول نص قانوني جزائري ينظم عملية البناء بعد الاستقلال فقد استمر قبل ذلك العمل بالقوانين الفرنسية المتمثلة في المرسوم 58-1463 المؤرخ في 31-12-1958 المتعلق بمخططات التعمير و المرسوم 58-1473 المؤرخ في 31-12-1958 المتعلق برخصة البناء و المرسوم 58-1466 المؤرخ في 31-12-1958 المتعلق بالتجزئة.
و لقد ألزم القانون المذكور كل شخص « يرغب ببناء مكان للسكن أو غيره، بما في ذلك تغيير الواجهة أو هيكل البناية »[129] بالحصول على ترخيص مسبق بالبناء باستثناء:
· أعمال البناء الواقعة في البلديات التي يقل سكانها عن 2000 ساكن، و البلديات المرتبة في المناطق الثقافية و مختلف عمليات الترميم و إصلاح البنايات.
· أعمال البناء لتشييد البنايات المدرسية و الجامعية و الأشغال الباطنية المتعلقة بمختلف الشبكات و الإمدادات.
كما أقر الأمر السابق بمبدأ رخصة البناء الضمنية المسلمة تلقائيا في حالة عدم رد الإدارة على الطالب[129] و اعتبر أن الرقابة على تنفيذ أنشطة البناء على تراب البليدة مسألة جوازية تخضع لتقدير الضرورة[129].
2.1.1.2.1.2.1.القانون82-02 المؤرخ في 06-02-1982 المتعلق برخصة البناء و رخصة تجزئة الأراضي
تمثل دور هذا القانون في الإلغاء الكامل للأمر 75-76 المتعلق برخصة البناء و رخصة تجزئة الأرض[132]، و نص من جديد على أن فرض رخصة البناء يكون بشكل مسبق على كامل الأشخاص الراغبين في القيام « ببناء محل أيا كان تخصيصه، و كذا أشغال تغيير الواجهة أو هيكل البناية و الزيادات في العلو و الأشغال التي ينجر عنها في التوزيع الخارجي »[132] إلا أنه وسع من الاستثناءات[132] الواردة عليها، فيخرج عن نطاقها:
· أعمال البناء الواقعة في المراكز الحضرية و المجموعات السكنية التي يقل عدد سكانها عن 2500 نسمة غير المعتبرة كمراكز للبلديات .
· أعمال البناء الواقعة في المناطق الريفية غير المصنفة ضمن المناطق ذات القيمة الفلاحية العالية أو المناطق ذات الطابع المميز.
· أعمال البناء للسكنات الواقعة في تجزئة يختص بها رئيس المجلس الشعبي البلدي ، إذ تسمح رخصة التجزئة المسبقة بالتجزئة و البناء على أن تسلم رخصة البناء بعد الانتهاء من البناء[132].
· أشغال الترميم و الأشغال الباطنية الخاصة بمختلف الشبكات و المنشآت.
كما استقر على نفس الحكم المتعلق بالرخصة الضمنية و الرقابة الجوازية التي لم يحدد مضمونها.
3.1.1.2.1.2.1.القانون 85-01 المؤرخ في 13-08-1985 الذي يحدد انتقاليا قواعد شغل الأراضي قصد المحافظة عليها
فطبقا لأحكام هذا القانون « لا يجوز لأي شخص طبيعي أو معنوي خاص أو عمومي لم يحصل مقدما على رخصة بناء سلمتها له السلطة المخولة قانونا، أن يباشر أو يقيم أي بناء كيفما كان موقعه أو نوعه، أو استعماله، سواء تضمن أسسا أم لم يتضمنها، و سواء كانت الأشغال تشييد منشأة جديدة أو توسيع بناء، أو الزيادة في علوه، أو تغيير واجهته أو توزيعه الخارجي »[133] و إلا قام رئيس المجلس الشعبي البلدي بهدم البناء، كما لا يمكن بأي حال أن « تحل أية رخصة إدارية كيفما كان نوعها، و مهما كانت السلطة التي تسلمها محل، رخصة البناء »[133]، و لو في حالة سكوت الإدارة عن طلبها إذ لا يفسر على أنه قبول ضمني .
و استحدثت بموجبه أحكام لتسوية أوضاع البناءات غير الشرعية[133] المشيدة قبل 14-08-1985 بشكل مخالف للأمر 74-26 المتضمن الاحتياطات العقارية، و أحالها على المرسوم 85-212 الذي صدر بتاريخ 13-08-1985 المتعلق بشروط تسوية أوضاع الذين يشغلون فعلا أراضي عمومية أو خصوصية كانت محل عقود و/ أو مباني غير مطابقة للقواعد المعمول بها و شروط إقرار حقوقهم في التملك و السكن.
4.1.1.2.1.2.1. القانون 90-29 المؤرخ في 01-12-1990 المتضمن التهيئة و التعمير
ألغى كلا من القانونين 82-01 و الأمر 85-01 السابقين، بموجبه - القانون 90-29 - « يجري استغلال و تسيير الأراضي القابلة للتعمير و تكوين و تحويل إطار المبني في إطار القواعد العامة للتهيئة و التعمير، و أدوات التعمير»[139].
و في ظله فإن حق البناء مرتبط « بملكية الأرض و يمارس مع الاحترام الصارم للأحكام القانونية و التنظيمية المتعلقة باستعمال الأرض » و يخضع وجوبا لرخصة البناء و الرقابة على حسن تنفيذه عن طريق ممارسة حق الزيارة و المعاينة الذي اعتبر في هذه الفترة جوازيا (حقا) يمكن أن يمارسه رئيس المجلس الشعبي البلدي و الأعوان.
5.1.1.2.1.2.1.المرسوم التشريعي 94-07 المؤرخ في 18-05-1994 المتعلق بشروط الإنتاج المعماري و ممارسة مهنة المهندس المعماري
تدخل هذا المرسوم من أجل تعديل بعض أحكام القانون 90-29 السابق، فألزم بموجبه كل شخص يرغب في الحصول على رخصة البناء باللجوء إلى مهندس معماري معتمد لإنجاز مشروع البناء[143] طبقا للمادة 55 من قانون التهيئة و التعمير، و نص على إلزام السلطات المؤهلة بتسليم رخصة البناء برقابة الأعمال المعمارية[143]، و فرض احترام قواعد الهندسة المعمارية و التعمير تحت طائلة الجزاءات المخصصة لكل نوع من المخالفات التي يضبطها الأعوان المؤهلون في معاينة و اكتشاف مخالفات التعمير.
6.1.1.2.1.2.1.القانون 04-05 المؤرخ في 14-08-2004 المعدل و المتمم لقانون التهيئة و التعمير
من جديد تدخل هذا القانون لتعديل أحكام قانون التهيئة و التعمير الواردة على أدوات التهيئة و التعمير و القواعد العامة للتهيئة و التعمير فأضاف إلى وظائفها الجديد المتعلق بتحديد الأراضي المعرضة للأخطار الطبيعية و التكنولوجية و شروط البناء عليها[153]، و فرض في هذه الحالة إلزامية أن تعد مشاريع البناء الخاضعة لرخصة البناء من قبل مهندس معماري و مهندس مدني معتمدين في إطار عقد تسيير المشروع، كما أنه ألزم كلا من رئيس المجلس الشعبي البلدي و الأعوان المؤهلين زيارة كل البنايات في طور الإنجاز و الإطلاع على وثائقها و استبدل في ظله الجهاز المخول بضبط مخالفات التعمير المنصوص عليه بالمرسوم التشريعي 94-07 بشرطة خاصة تتولى ضبط المخالفات التي من بين ما ينجر عليها هدم البناء المشيد بدون رخصة فورا بقرار رئيس البلدية.
7.1.1.2.1.2.1.القانون 08-15 بتاريخ 20-07-2008 المحدد لقواعد مطابقة البنايات و إتمام إنجازها
تدخل هذا القانون من أجل تعديل و سد بعض الفراغات التي أغفلتها أحكام التهيئة و التعمير عن طريق استحداث آجالا لتنفيذ رخصة البناء و نص على إمكانية الشكل الجديد في تسليمها المتعلق بحالة البناء بحصص كما أنه ألزم أضاف إلى ملف طلب رخصة البناء شهادة الربط بالشبكات و التهيئة بالنسبة لمشروع البناء الواقع ضمن تجزئة، و استطرد في نهايته بتشديد العقوبات على الأشخاص المخالفين بدعوى عدم كفاية الجزاءات المنصوص عليها سابقا لكن بعد النص على الأحكام الاستثنائية الجديدة المتعلقة بتسوية البنايات غير الشرعية المشيدة قبل 03-08-2008[161].
- من خلال ما سبق فإن نبدي ملاحظة أن قوانين التعمير في الجزائر تتميز بعدم الثبات و الاستقرار رغم أنها قوانين يغلب عليها الطابع التقني وردت لتحكم بناءا ذو طابع مستقر، فما أسباب ذلك؟.
2.1.2.1.2.1.عوامل الخلل التي انتابت قوانين التعميـر
1.2.1.2.1.2.1. انعدام التخطيط العمراني قبل 01-12-1990
لم تعرف قوانين التعمير للفترة الممتدة من سنة 1974 إلى غاية 1990 أسلوب التخطيط العمراني و تقنين استعمال الأرض، في حين اقتصر دور مخطط التعمير الدائم (P.U.D) بالنسبة للبلديات و مخطط التعمير المؤقت (P.U.P) للبلديات الأقل أهمية و الأفقر على تحديد مجال تطبيق الأمر 74-26 المتعلق بالاحتياطات العقارية و ترسيخ السياسة العقارية المتبعة في تلك الفترة، دون أن تكون لهما القوة الإلزامية[93] ص 23، أو الدراسة التقنية الكافية، وعليه نشأت العديد من المدن و من التجمعات الحضرية بشكل عشوائي على شكل مراقد على الأراضي الفلاحية غير المهيأة و في مجاري الوديان و أخرى معرضة للفيضانات أو بجوار المناطق الصناعية الخطرة.
2.2.1.2.1.2.1.انعدام المرونة و التوقــــع
إذ سجل أن تدخل المشرع الجزائري في كل مرة لإلغاء قوانين التعمير أو استبدالها أو تعديلها خلال هذه الفترة القصيرة (1975-2008) مرجعه إدراك ظاهرة سلبية تطورت في ظل القانون المعدل أو الملغى الذي فشل في التحكم فيها أو أنه أغفلها، فيتدخل المشرع و يلقي بآثارها على القانون الجديد[117] ص 55،و هكذا تدخل الأمر 85-01 الذي يحدد انتقاليا قواعد شغل الأراضي قصد المحافظة عليها ليلغي الاستثناءات الواردة على مجال رخصة البناء، و مبدأ الترخيص الضمني غير المقيد[104] ص 580 المعروفين في القانون 82-02 المتعلق برخصة البناء و رخصة تجزئة الأراضي للبناء، بعدما انتشرت ظاهرة البناء و الاعتداء على الأراضي الفلاحية و اتخذت منحى خطيرا و كبيرا فرض نفسه بالقوة على السلطات[114] ص 61، كما تدخل بالقانون 90-29 المتضمن التهيئة و التعمير ليعلن انفصاله عن مرحلة سابقة تميزت بالفوضى العمرانية[110] ص 121، و انتقال الدولة من الدور المتحكم في العقار إلى دور المنظم بواسطة أدوات التعمير كوسائل التنظيم و الضبط العقاري .
ثم تدخل بالمرسوم التشريعي 94-07 المؤرخ في 18-05-1994 المتعلق بشروط الإنتاج المعماري و ممارسة مهنة المهندس المعماري ليستحدث شرطة خاصة بالتعمير يسند لها معاينة المخالفات و اتخاذ بعض التدابير و العقوبات طبقا لقواعد الهندسة المعمارية و التعمير بسبب ثبوت نقص و عدم كفاءة الضبط القضائي العام في التصدي لخرق قوانين البناء و التعمير و أعاد النظر في دور المهندس المعماري المقصى لفترة من الزمن أصيب خلالها الإطار المبني بتشويه لا يمت بأي صلة للطابع الحضري و الجمالي للجزائر،ثم تدخل مرة أخرى لتعديل أحكام قانون التهيئة بموجب القانون 04-05 المؤرخ في 14-08-2004 هذه المرة بسبب الكوارث الطبيعية و الصناعية التي ضربت الجزائر[83] ص 06،و خلفت خسائر معتبرة كشفت عن قصور التخطيط العمراني المتبع، و قرر تبعا لذلك ترقية وظيفة القواعد العامة للتهيئة و التعمير و أدوات التعمير في الوقاية من الأخطار المحتملة كما تم تعزيز دور المهندس المدني عند إنجاز الدراسة التقنية للبنايات الخاصة في إطار عقد تسيير المشروع.
و استمر في وتيرة تعديل قانون التهيئة و التعمير بموجب القانون 08-15 بتاريخ 20-07-2008 إثر انتشار ظاهرة عدم إتمام انجاز البنايات و الاستخفاف بشهادة المطابقة[81] ص 03، و قرر تشيد العقوبات الموجهة ضد الأفراد على الخصوص و منعهم الربط بشبكات الانتفاع نهائيا دون شهادة المطابقة، في وقت تعرفت فيه العديد من البنايات غير الشرعية هذا الربط [117] ص 49، و لو بدون رخصة للبناء، و أقر هذا القانون أحكاما تحمل في ظاهرها تسوية وضعية البناءات غير الشرعية المستحدثة قبل 03-08-2008 و في باطنها تهدف إلى تكيف الإطار المبني مع سلسلة القوانين الصادرة بعد قانون التهيئة و التعمير.
2.2.1.2.1.اختلال الرقابة العمرانية
تعد الرقابة العمرانية من أصعب العمليات بسبب دينامكية الظاهرة و الإمكانيات الضخمة التي يحتاجها جهاز المراقبة[18] ص 78، و رغم ذلك تبقى كحاجة ضرورية لضمان إلزامية القانون و توقيع الجزاء على المخالفين.
في الجزائر أسندت هذه الرقابة بصفة أصلية إلى البلدية التي تكلف بها قبل البناء و أثناءه و بعده عن طريق تسليم رخص و شهادات التعمير و ممارسة حق الزيارة و الإطلاع فهي ملزمة بـ:
·ضرورة التزود بأدوات التعمير، و فرض احترام تخصيصات الأراضي و قواعد استعمالها و السهر على المراقبة الدائمة لمطابقة عمليات البناء للشروط المحددة في القوانين و الأنظمة المعمول بها.
·حماية الطابع الجمالي و المعماري و انتهاج أنماط سكنية متجانسة في التجمعات السكنية و الحفاظ على المواقع الطبيعية و الآثار.
·حماية الأراضي الزراعية و المساحات الخضراء بمناسبة إقامة مختلف المشاريع عبر البلدية[136].
و يجسد مهام الرقابة رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثلا عن البلدية و المسؤول على تنفيذ القوانين و الحفاظ على النظام و الأمن العموميين بها، لا سيما قوانين التعمير[136] إذ يعد «أحد الأطراف الفاعلة في التطبيق السليم للقانون و أنظمة المتعلقة بالتعمير»[57] ص 120، و يلزم بمساعدته في ذلك الأعوان المؤهلون طبقا للمرسوم التنفيذي 06-55 المؤرخ في 30-01-2006 المعدل و المتمم، أين يترتب في حالة ضبطهم لمخالفة البناء بدون رخصة إلزام رئيس المجلس الشعبي البلدي بأن يصدر قرارا بهدم البناء طبقا للمادة 76 مكرر 04 التي تنص:« عندما ينجز البناء بدون رخصة، يتعين على العون المؤهل قانونا تحرير محضر إثبات المخالفة و إرساله إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي و الوالي المختصين في أجل لا يتعدى اثنين و سبعين (72) ساعة. في هذه الحالة، و مراعاة للمتابعات الجزائية يصدر رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص قرار هدم البناء في أجل ثمانية(8)أيام، ابتداءا من تاريخ استلام محضر إثبات المخالفة. عند انقضاء المهلة و في حالة قصور رئيس المجلس الشعبي البلدي المعني، يصدر الوالي قرارا هدم البناء في أجل لا يتعدى ثلاثين (30) يوما. تنفذ أشغال الهدم من قبل مصالح البلدي، و في حالة عدم وجودها، يتم تنفيذ الأشغال بواسطة الوسائل المسخرة من قبل الوالي. يتحمل المخالف تكاليف عملية الهدم و يحصلها رئيس المجلس الشعبي البلدي بكافة الطرق القانونية. إن معارضة المخالف قرار الهدم المتخذ من قبل السلطة البلدية أمام الجهة القضائية المختصة لا يعلق إجراء الهدم المتخذ من قبل السلطة الإدارية ».
من المعروف أن الترسانة الأحكام و الواجبات القانونية السابقة قد جاءت لفرض رقابة استعمال الأرض تشكل الإبداع الذي يمثل واحدا بالمائة وَحْـيـًا يحتاج في تطبيقه إلى تسعة تسعين بالمائة عَرَقـًا* من رؤساء المجالس الشعبية البلدية، في هذا الصدد كشف التطبيق الميداني تزايدا في عدد المخالفات على مرأى من هذه السلطات التي لا تحرك ساكنا، إذ كشفت وزارة السكن و العمران أن 10 ٪ فقط من البنايات بدون رخصة بناء التي أحصتها مصالحها في السداسي الأخير من سنة 2007 و هي أخطر مخالفات التعمير قد تم هدمها[58] ص 44 .
و الواقع أن رئيس المجلس الشعبي البلدي يتصرف على هذا النحو بسبب تشعب اختصاصاته البلدية من جهة و بسبب الخوف من أعمال الشغب و الإخلال بالنظام العام الذي يطبع عملية الهدم، أو العمل على تحقيق مصالح انتخابية ضيقة، كما أنه قد يصطدم بعدم توافر البلدية على المساكن اللازمة من أجل إعادة إسكان العائلات بعد عملية الإخلاء القسري[57] ص 126، من جهة أخرى يرى الوالي بأن اختصاصه احتياطي في عملية الهدم بالتبعية إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي الذي لم يلتزم بواجبه دون أن تترتب عليه أي مسؤولية في مواجهته و رغم أنه يتصرف كممثل للدولة في هذه الحالة و تحت سلطة الوالي و وزير الداخلية ، فلقد اعتبر القضاء الإداري الفرنسي في هذا الصدد بأن عدم تدخل الإدارة لفرض قواعد العمران لا يشكل مسلكا خاطئا، و أسس قضاءه على أن الامتناع يندرج ضمن السلطة التقديرية للإدارة[44] ص 209.
و كان على هذه الوضعية آثار غريبة في الجزائر مست بمبدأ المساواة أمام قانون التعمير فقد أصبح الشخص المخالف لالتزامات رخصة البناء يخضع للدعوى العمومية مباشرة بغرض العقاب و إلزامه بمطابقة البناء أو هدمه، في مقابل من قام بالبناء بدون رخصة و دون أن تتخذ السلطة أو القضاء الذي يبقى عاجزا أي إجراء لردعه .
2.2.1. آثار البناء غير الشرعــي
يترتب على العدد الكبير من البنايات غير الشرعية المشيدة على الإقليم الجزائري مجموعة من الآثار الخطيرة في العديد من المجالات العمرانية ، البيئة و الاجتماعية و الثقافية يمكن نقسمها إلى آثار البناء غير الشرعي على صعيد البيئة العمرانية،الآثار الثقافية و الاجتماعية المترتبة على البناءات غير الشرعية .
1.2.2.1. على صعيــــد البيئة العمرانية
تتميز مناطق البناء غير الشرعي بفقدان المعايير الأساسية لنشوء البيئة العمرانية وتغليب المقياس الإنساني على عملية التخطيط العمراني و تظهر آثار ذلك على صعيد موقع تشييد البناءات غير الشرعية و آثار البنايات غير الشرعية على المشهد العمراني.
1.1.2.2.1.الآثار المترتبة على موقع تشييد البنايات غير الشرعية
و تتمثل في مساس البناءات غير الشرعية بفعل موقعها بالصحة و الأمن العموميين و تدهور مستوى تجهيز الأراضي و اختلال الربط بالطرق العمومية و المنافذ، و توسعها الرأسي على حساب الأراضي الزراعية و المواقع الحساسة و انعكاسات ذالك على الجانب الاقتصادي.
2.1.2.2.1.مساس البنايات غير الشرعية بالصحة و الأمن العموميين
تتصف معظم مناطق البناء غير الشرعي السكنية بمستوى صحي منخفض جدا لانعدام الوقاية الصحية، و بسبب قلة الوسائل الفعالة للتخلص من النفايات في تلك المناطق المزدحمة غير المخططة[02] ص30، في حين تفتقد البناءات غير الشرعية الموجهة للنشاط الصناعي إلى دراسة التأثير على البيئة كما حددها المرسوم التنفيذي 07-145 المؤرخ في 19-05-2007 المتعلق بدراسة و موجز التأثير على البيئة، فقد بلغ عدد المنشآت التي تم غلقها من قبل وزارة البيئة و تهيئة الإقليم في سنة 2008 حوالي 450 مصنعا، كما تم توجيه 2700 إعذار لمؤسسات أخرى بسبب عدم التزامها بالمعايير و القوانين البيئية.
و قد تم تشييد العديد من هذه البنايات في المناطق المعرضة لتهديد « محتمل على الإنسان و بيئته يمكن حدوثه بفعل مخاطر»[155] طبيعية أو صناعية .
1.2.1.2.2.1.بالنسبة للبنايات غير الشرعية المشيدة في الأراضي المعرضة لخطر الفيضانات
فقد كشفت الدراسة المعدة في سنة 2003 لوحدها أن أكثر من 100.000 بناية في الجزائر مشيدة على الأراضي المعرضة لخطر الفيضانات[106] ص 38، التي رتبت عنها العديد من الخسائر المادية و البشرية ناهيك عن الإرث المتخلف بعدها فعلى سبيل المثال رتبت [117] ص 36:
- فيضان باب الواد في 10-11-2001: الذي تسبب في مقتل 800 شخص، جرح 7543 شخص، غرق و اختفاء سق تريولي بكامله في الأوحال، تضرر أكثر من 156 مؤسسة و منشأة عمومية تهديم 360 مسكن و إعادة إسكان 1500 عائلة ، و قدرت الخسائر المادية بحوالي 3 ملايير دولار و أرجعت أسباب تلك الخسائر إلى تساقط الأمطار الكثيف بشكل متواصل الذي قدر بـ 200 ملم في 24 ساعة و الإخلال بقواعد البناء التعمير المتمثلة[105] ص 44:
· انعدام أو النقص في المساحات الخضراء و الأشجار بالمنطقة المنحدرة و ارتفاع الكثافة السكانية بها فقد قدر عدد سكان باب الواد في سنة الحادثة بـ 64.050 ساكن.
· تعمير فوضوي غير مخطط مع قيام الأفراد البناء في مجرى الوادي.
· تجهيزات شبكة صرف المياه غير صالحة أو غير كافية.
· فشل القواعد العامة للتهيئة و التعمير و أدوات التعمير في التوقع من الأخطار الطبيعية.
- فيضان غرداية أكتوبر 2008 : الذي تسبب في مقتل 34 شخصا و جرح 89 شخصا، وخسائر مادية بقيمة 20 مليار دينار و أرجعت أسباب الخسائر إلى البنايات الطينية المشيدة في مجرى الوادي مع انعدام تجهيزات صرف المياه و عدم احترام مخططات التعمير.
2.2.1.2.2.1.بالنسبة للبنيات غير الشرعية المشيدة على الأراضي المعرضة لخطر الانزلاق
حيث تعرف هذه الظاهرة بالخصوص في مدينة قسنطينة التي يعود الاهتمام بها من قبل سلطات الاحتلال إلى نهاية الخمسينيات إذ انه قام بتحديدها و إخضاعها بموجب مخطط التعمير الرئيسي آنذاك إلى ارتفاق عدم البناء[117] ص 36، إلا أن التوسع الحضري السريع و العفوي لمدينة قسنطينة بعد الاستقلال، و إغفال السلطات لتراتيب استعمال الأراضي المتزامن مع سياسة الاحتياطات العقارية، رتب تسارع ظاهرة الانزلاق و استمرارها إلى اليوم، في حين تعرف مناطق أخرى من الجزائر العاصمة هذه الظاهرة بسبب اكتساح البنايات للأرض و تشييدها على المنحدرات الخطرة على حساب دور المساحات الخضراء في تثبيت التربة لتفادي الانجراف.
3.2.1.2.2.1.بالنسبة للبنيات غير الشرعية المشيدة على الأراضي المعرضة للخطر الزلزالي
إذ أن الجزائر كسائر بلدان البحر الأبيض المتوسط مهددة بهزات أرضية معتبرة، فهي تقع على طرف الصفيحة الإفريقية التي توجد في حركة دائمة و اصطدام مع الصفيحة « الأوراسية »، و قد ترتب عن هذه الحركة زلازل مدمرة، قدرت بسبعة زلازل قوية في فترة قصيرة من الزمن تمتد من سنة 1980 إلى غاية 2003 ، و رغم اعتبار الجزائر و تعهدها في هذا المجال بأخذ الاحتياطات اللازمة عند البناء و رقابة حركة التعمير على إثر زلزال الأصنام في سنة 10-10-1980، إلا أن آثار زلزال بومرداس أثبتت عكس ذلك فقد ظهر إلى العيان هشاشة البنايات و الانتشار الرهيب للبنايات غير الشرعية بسبب :
· تضرر البنايات و انهيار العديد منها في ولاية بومرداس: بسبب عدم احترام أدوات التعمير و قواعد البناء[35] ص 273، لا سيما المحددة منها بالوثيقة التقنية التنظيمية المتعلقة بالنظام الجزائري لمقاومة الزلازل، و بسبب ضعف المواد المستعملة في البناء و عدم مقاومتها.
· تضرر البنايات المتواجدة بولاية الجزائر أكثر من البنايات على مستوى بومرداس ، و ارتداد الآثار إلى ولايات أبعد : حيث يشير حجم البنايات المنهارة بفعل الزلزال، إلى تضرر ولاية الجزائر عن ولاية بومرداس رغم أن بؤرة الزلزال تقع بزموري في ولاية بومرداس، و يعود سبب ذلك[35] ص 74 ، إلى التوسع العمراني الحديث و غير المنظم بالجزء الشرقي من العاصمة في شكل تجزئات شرعية أو مجموعات سكنية غير شرعية مشيدة على أراضي طينية غير صالحة للبناء كما أنها لم تحترم قواعد التعمير .
4.2.1.2.2.1.بالنسبة للبنيات غير الشرعية المشيدة على الأراضي المعرضة للخطر الصناعي
بحيث أن تشييد البنايات ضمن الأراضي المجاورة للأنشطة الصناعية و الصحية الخطرة سيعرضها إلى أخطار الانفجار أو انبعاث الأبخرة السامة و الحريق و كذا أخطار التلوث، و تشير الدراسات المنجزة في 2003 في الجزائر إلى تشييد أكثر من 7500 بناية على أنابيب نقل الغاز، و 8000 أخرى متصلة مباشرة بمناطق النشاط الصناعي[106] ص 39.
و لقد شكل انفجار مركب الغاز بسكيكدة بتاريخ 19-01-2004 أكبر كارثة صناعية عرفتها الجزائر، و التي خلفت العديد من الأضرار على البنايات السكنية الواقعة في محيط الكارثة و خسائر مادية فادحة قدرت بخمسمائة مليار دينار بسبب تشقق بسيط في خط الأنابيب، كما رتب انفجار آخر لأنبوب ناقل للغاز بنفس الولاية بتاريخ 03-03-1998 مقتل 07 أشخاص، و جرح 77 آخرين مع تحطيم 10 مساكن مشيدة عليه 50 بناية أخرى تضررت لقربها من موقع الحادث .
كما تشكو منطقة حاسي مسعود و حاسي الرمل هي الأخرى من وجود العديد من الأحياء غير شرعية على شبكة كثيفة من خطوط أنابيب المنشآت البترولية و الذي يشكل خطرا دائما يهدد حياة الموطنين القاطنين في هذه الأحياء و كذلك المطار المشيد أيضا على أرض تمر بها أنابيب البترول.
2.1.2.2.1.تدهور مستوى تجهيز الأراضي و اختلال الربط بالطرق العمومية و المنافذ
لأسباب تتعلق بعدم مشروعية البناء و عدم خضوع الأراضي المشيد عليها لأسس التخطيط العمراني يتعذر تزويد مناطق البناء غير الشرعي بالمرافق و الخدمات العمومية[33] ص 26، باستثناء حالات خاصة و استثنائية لأسباب سياسية في الغالب، و حتى في حالة تجهيزها فإنها لا تكفي، فالأحياء غير الشرعية تتميز بنقص المياه الشروب و نوعيتها الرديئة، و الضعف في الإمداد بالطاقة الكهربائية و الغاز، فيلجأ سكانها في الغالب إلى عملية الربط غير الشرعي بالشبكات النظامية من أجل تلبية حاجتهم المستتبعة بالتأثير العام على طاقة الشبكات و الخدمات العامة و تضرر الاقتصاد الوطني.
كما يترتب أيضا عن نشأة مناطق البناء غير الشرعي خارج مبادئ التخطيط العمراني صعوبة الوصول إليها و النفاذ بسبب عدم كفاية الطرق العمومية اللازمة للوصول إليها بالخصوص في حالة الكوارث و الحوادث، و حتى في حالة وجودها فهي غير معروفة في المخطط العام للطرق و لا تدعم عمليات التدخل الإجلاء السريع بواسطة الآليات و تقتصر عملية الإنقاذ في العديد من الحالات على الوسائل التقليدية كما حدث في زلزال بومرداس 2001.
3.1.2.2.1.الامتداد الرأسي غير المنظم للبناءات غير الشرعية على حساب الأراضي ذات الطابع الزراعي و الثقافي
فقد أدى زحف البناءات غير الشرعية و نموها السريع المرن بحسب تطور الإمكانيات و المتطلبات إلى تآكل الأراضي الزراعية المحدودة و غير المتجددة التي عرفت فقدان[18] ص 60 مساحات مهمة قدرت 70.000 هكتار للفترة الممتدة من 1974 إلى غاية 1987 78.000 هكتار للفترة الممتدة من 1988 إلى غاية 1996 منها 750 هكتار فقدت في فترة ما بين جوان 1995 إلى مارس 1996 رغم صدور التعليمة الرئاسية بخصوص حماية الأراضي الفلاحية[116] ص 30، آنذاك، و لم يسلم العقار السياحي هو الآخر من آفة الشغل غير الشرعي و الاعتداء و تشويه المنظر ، بسبب كثرة البنايات غير الشرعية المشيدة ضمن مناطق التوسع السياحي كما عرفت هي الأخرى المضاربة في الصفقات العقارية و تحويل الموارد عن طبيعتها السياحية .
2.1.2.2.1. آثار البنايات غير الشرعية على المشهد العمراني
إذا كانت العمارة هي المرآة التي تعكس جميع جوانب الحياة المختلفة لعصر من العصور، فما الذي يمكننا أن نقوله عن واجهة بناء غير شرعي من أبنية هذه العمارة؟ .
لكل بناء مهما كان حجمه مظهر أو واجهة تشكل الحد الفاصل ما بين داخله و الفضاء الخارجي المشترك فهي تؤثر بها – الواجهة – على المظهر العمراني عن طريق « تحسين ما يظهر من المدينة و تشاهده العين و تدركه الأحاسيس و تتفاعل معه في الهيئة الحضرية ، من خلال الإحساس بالوحدة و المكان و بالتجربة الإنسانية عبر مفاهيم عدة كالتجانس و التكامل و التنظيم الحسي و البصري »[50] ص 31 .
في الجزائر تسبب العدد الهائل للبنايات غير الشرعية و شكلها في المساس الصارخ بعنصر الجمال المعماري كأحد عناصر النظام العام كما حددته المادة 02 من المرسوم التشريعي 94-07 المتعلق بالإنتاج المعماري و ممارسة مهنة المهندس المعماري بنصها:« و تعد نوعية البنايات و إدماجها في المحيط و احترام المناظر الطبيعية و الحضرية و حماية التراث و المحيط المبني ذات منفعة عامة » .
و كذا تشويه مظهر المحيط المبني الذي انفصل عن مجموعة المعارف و المهارات المجتمعة في فن البناء ، المعبرة عن ثقافة المجتمع الجزائري كما وردت في الوسط المحيط به[143]، بسبب عدم الاهتمام بإتمام انجاز البناء لا سيما الواجهة، و تهميش دور التشكيل المعماري الذي « يشرع فيه المصمم باستخدام المفردات البصرية الشكلية كعناصر أساسية و المبادئ و الأسس التصميمية ليحولها إلى كتل و فضاءات بنظام معين»[50] ص 57 ، فالقائم بالبناء غير الشرعي لا يعير اهتماما بالذوق العام و ذوبان البناية في المجال المشترك مع المحيط و يكفيه الاهتمام بالأجزاء الداخلية فقط لتتكون بذلك أشكالا معمارية يسودها عدم الوحدة و النظام كما ذكرته المادة 27 في فقرتها الثانية من المرسوم التنفيذي 91-175 : « يجب أن تبدي البنايات بساطة في الحجم و وحدة في المظهر و المواد المتماشية مع الاقتصاد الصحيح في البناء و تماسك عام للمدينة و انسجام المنظر » .
و يقصد بالوحدة التماسك ما بين البنايات و اتحاد النمط المكون للمشهد و الحضري بفعل تحقيق مبدأ التكرار في حين يعرف النظام من خلال كل العلاقات المتشكلة في ما بين البنايات لترتيب تجمع حضري (حي) و التأثير في الإطار الحضري الأوسع(المدينة) ، أما البنايات غير الشرعية فهي غير موحدة تبعا للرغبة الجامحة لصاحب البناء في الابتداع على حساب الوسط[81] ص 01،07، دون رقيب ، كما أنها غير منظمة بفعل التكدس و استغلال كل فراغات الخصوصية و الترفيه [08] ص 53، و تدهور الفضاءات العمومية.
و هكذا حتم التدهور الشديد و التشوه الذي شاب المظهر العمراني بسبب هذه البنايات التدخل بالقانون 08-15 المتعلق بتحقيق مطابقة البنايات و إتمام إنجازها لمعالجة الوضع القائم بعد أن برر ذلك في عرض أسبابه بأن الشكل الغريب لهذه البنايات و « تناثر أشكالها و انتشارها المتفاقم ... التي ما فتئت تفقد فضائنا العمراني تجانسه مخلة بذلك برونق مدننا و جمالها فقد أصبحت معظم مدننا نماذج من الاختلافات العمرانية و أنماطا من الخروقات في التصميم و الإنجاز ، تجسدت في هياكل منجزة بالإسمنت المسلح و استخدام أعمدة فولاذية مؤقتة إلى جانب العجز المسجل في تهيئة الفضاءات الخارجية »[81] ص 04 يحتم وضع حد لهذه الفوضى .
2.2.2.1.الآثار الثقافية و الاجتماعية المترتبة على البناءات غير الشرعية
و تشكل دراسة هذه الآثار مجال بحث علم الاجتماع الحضري الذي يختص بدراسة أنماط تحركات السكان و استيطانهم بمنطقة ما و كيفية استغلالها و تأثرهم ببيئتهم الطبيعية و الاجتماعية و الثقافية فيدرسها ضمن إطار نشأتها و هو تجمعات السكن العشوائي ، ويحدد طرق تفاعلها و تأثيرها ، و سنركز في هذا الجانب على البعض من هذه الآثار التي قسمناها إلى:
1.2.2.2.1.الآثار الثقافيــة
1.1.2.2.2.1.صعوبة التكيف الحضري لسكان المناطق غير الشرعية المتخلفة[07] ص 12
تعتبر مناطق السكن غير الشرعي المتخلفة ، أمكنة لاستقبال الوافدين الجدد من الريف الفقراء بحثا عن العمل و تحسين أوضاعهم المادية ، إلا أنهم يصطدمون في الأمكنة الجديدة بصعوبة العيش في المدينة و تعقيدات الحياة الحضرية بشكل يدفعهم التكتل في شكل تجمعات و أحزمة عمرانية حول المدينة باعتبارها الأمكنة البعيدة عن أعين الرقابة، التي تحتل منطقة وسط بين ريف و مدينة أو منطقة العبور الحضري الريفي[02] ص 14 ، 35. التي تسهل لشاغليها الاتصال الدائم بموطنهم الأصلي و الرجوع إلى مناطق السكن غير الشرعي، و يتخذ سكان هذه المناطق أسلوبا لمقاومة تأثير المدينة عن طريق إعادة بناء الوسط المعيشي و استحداث شبكة من العلاقات تتجاوز الفضاء الفيزيقي الذي يقطنون فيه، لحماية هويتهم الثقافية و ضمان استمرار تقاليدهم الدينية و العائلية[54] ص 12« فالهجرة و الحال هذه ليست عملية حركة سكانية مكانية فقط بل هي نقل حقيقي لأساليب حياة و نظرة إلى الوجود و تكوين علاقات اجتماعية و اقتصادية، و علمية مبنية على أسس مخالفة لما ألفه المهاجر و اعتاد عليه »[07] ص 163 ، لترتد فيما بعد آثار ذلك على حياة المدينة فتظهر على شكل سلوكات تفتقر إلى الوعي و الحس الحضري كتربية الحيوانات بالمساكن و تجميع الخردوات بجانبها[41] ص 79.
2.1.2.2.2.1.تدني المستوى التعليمي لسكان المناطق غير الشرعية المتخلفة
يتأثر التعليم مباشرة بمستوى الدخل، خاصة في ظل حالة فقر الأسر الجزائرية الذي يتجلى أهم مظاهره « في انخفاض استهلاك الغذاء، كما و نوعا، و تدني الحالة الصحية و المستوى التعليمي و الوضع السكني و الحرمان من تملك السلع المعمرة و الأصول المادية الأخرى، و فقدان الاحتياطي أو الضمان لموجهة الحالات الصعبة »[55] ص 214، و يمنع هذا الوضع الوالدين في الإنفاق المستمر على أبنائهم لممارسة الدراسة و يقرران التضحية بهم، و هذا ما يفسر نقص المستوى التعليمي و الثقافي و التربوي لسكان مناطق البناء غير الشرعي المتخلفة، كما أن أرباب الأسر في هاته المناطق يفضلون العمل لأبنائهم للمساهمة في دخل الأسرة بدلا من الدراسة، في أوضاع تتسم بضيق المسكن المزدحم بسكانه و بعد المدرسة بسبب عدم تجهيز الحي .
2.2.2.2.1.الآثار الاجتماعيــــــة
1.2.2.2.2.1.كثرة المشاكل الأسرية في مناطق البناء غير الشرعي المتخلف
يؤدي تكدس الأفراد في غرف المسكن غير الشرعي ضمن المناطق المتخلفة، و طبيعة الفضاء العام الذي غيبت خصائصه إلى فقدان الإحساس بالخصوصية و بالوجدان، إذ أن الحدود الفاصلة بين الفرد و بين الدوائر الاجتماعية المحيطة به شبه معدومة، و تدفع هذه البيئة غير الصحية أفراد الأسرة إلى تعقيدات قد تكون مأساوية في بعض الأحيان ، في علاقاتهم مع أنفسهم و مع المجتمع الخارجي، تغرس في أعماقهم الشعور بالإحباط و العدوانية[33] ص 26، كما أنها تساهم في خلق شخصية غير سوية للإنسان إذا على حد قول الدكتور عبد الحميد ديلمي بأن هذه البيئة السكنية « ينشأ الأطفال و تترعرع الصداقات و تنمو العلاقات و تزدهر، و تثور الخلافات و الصراعات و الضغائن ، و ينمو الشعور بالانتماء و الاندماج و تنمو كافة الأعراض المرضية من القلق و الانطواء إلى الانحراف و العداوة و الإجرام ».
2.2.2.2.2.1.انحراف سلوك الأفراد داخل مناطق البناء غير الشرعي المتخلف
إن مناطق البناء غير الشرعي معرضة للتهميش و الإقصاء و تلقي بظلال ذلك على الشاب باعتباره « واقعا اجتماعيا يحدده المجتمع لجيل يضم فئات متقاربة في السن، و مختلفة من حيث الجنس و الانتماء الاجتماعي ، تشترك في كونها تمر بمؤسسات التنشئة و بمرحلة إعداد أو انتظار الدخول على الحياة الاجتماعية ، أو كونها احتلت حديثا موقعا فيها »[56] ص 268، و اصطدمت بعجز المؤسسات الرسمية عن إدماجه في المشاريع الاقتصادية – الاجتماعية بسبب عدم الاعتراف و هذا ما قد « يشكل أساسا اجتماعيا لممارسة العنف و يسهم في تسويغ استخدام القوة مع الآخرين، بينما يؤدي احترام الآخر، و الاعتراف به إلى التقيد بالمعايير الضابطة لطبيعة العلاقة معه، و هو يقلل من احتمالات ممارسة العنف، و من احتمالات استخدام القوة »[56] ص 268، و من ثم شكل مناخ الإقامة في هذه الأحياء غير الشرعية غير المخططة بشوارعها الملتوية و المظلمة و التي ليس فيها من أسباب الحياة الصحية و الأمنية السلمية إلا النزر اليسير بيئة جديدة أصلح ما تكون لتفريخ الجرائم عامة و جريمة الإرهاب بصفة خاصة[33] ص 273 .























































































































































المسؤولية العقدية

 المسؤولية العقدية، اضغط على الرابط أدناه 👇👇👇 https://drive.google.com/file/d/1bXExDcv3cI0w3A0P5KARpAPy9FvvjLNu/view?usp=sharing