الثلاثاء، 21 نوفمبر 2017

آثار العقد



آثـــار العقـــد
 (من حيث الموضوع: القوة الملزمة للعقد ومن حيث الأشخاص: الأشخاص الذين يسري عليهم أثر العقد)


المطلب الأول: القوة الملزمة للعقد من حيث الموضوع:
يعد العقد، وفقاً لنص المادة 106 من ق المدني "شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون"، كما نصت المادة 107 على "يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبحسن نية".
وتنفيذ العقد احتراما لقوته الملزمة يستوجب تحديد مضمون العقد وحدود هذا المضمون، وعندما يمتنع أحد المتعاقدين عن تنفيذ العقد لا بد أن يكون هناك مؤيد يضمن حقوق المتعاقد الآخر.
  الفقرة-1-  تعيين مضمون العقد
 يتصل مضمون العقد بصلة وثيقة بإرادة المتعاقدين، وذلك لأنه يشمل على ما أراد المتعاقدان إنشاءه من حقوق والتحمل بالتزامات، مع طريقة التنفيذ المتفق عليها وفقاً لمقتضيات حسن النية.
أولاً: - تفسير العقد: تفسير العقد يعني التعرف على القصد المشترك للمتعاقدين، وذلك من خلال العبارات المستعملة في التعبير عن الإرادة.
 
1-    فإذا كانت عبارة العقد واضحة: لا يجوز للقاضي الانحراف عن طريق تأويلها وحملها على خلاف معناها الظاهر بحجة تفسيرها. وهذا ما نصت عليه المادة 111 فقرة 01 ق م.
2-    ولكن إذا وجد محل لتأويل عبارات العقد: فيجب على القاضي عندئذ تفسيرها بما يتفق مع القصد المشترك للمتعاقدين، دون أن يقف عند المعنى الحرفي للألفاظ، ويأخذ القاضي بالحسبان، عندما يلجأ إلى تفسير العبارة، ثلاثة عوامل (111/02 ق مدني) وهي:
ü     طبيعة التعامل: وتعني موضوع العقد ونوعيته التي يتجلى منها هدفه.
ü     وما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين: فالأمانة واجب على المتعاقد، والثقة حق له، فإذا وصف البائع المبيع بوصف يدفع على الشراء كان للمشتري الحق في أن يفهم أن هذا الوصــف متوافر تماماً في المبيع.
ü     والعرف الجاري في المعاملات، حيث إنه من المفترض أن يعتمده المتعاقدان في كل ما سكتا عن إيضاحه.
ü     وهذه العوامل الـثلاثة لم تذكر على سبيل الحصر. 

 مخطط هيكلي


 3-    وإذا كانت عبارة العقد غامضة تحتمل عدة أوجه في التفسير، فهذه هي حالة الشك الذي لا تمكن عوامل التفسير إزالته والتي تقتضي تفسير الشك لمصلحة المدين دون أن يكون ضارا بمصلحة الطرف المذعن (المادة 112 ق مدني).
ثانيا:- -تحديد نطاق العقد: أي نقصد بها مجال العقد من حيث المحل ومن حيث الالتزامات، وقد نصت المادة 107/02 ق مدني على " ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب، بل يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة، بحسب طبيعة الالتزام".
1- من حيث المحل:
إذا يجب ألا يقتصر في تحديد نطاق العقد على ما يذكر صراحة فيه، بل يشمل أيضاً ما هو من توابع المحل ومستلزماته وفقاً لما تقضي به طبيعة الأشياء والعرف وقصد المتعاقدين.  ففي بيع السيارات، العقد يشمل ملحقات المبيع وكل ما أعد بصفة دائمة لاستعماله وذلك طبقاً لما تقضي به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين. 
2- من حيث الالتزامات: يجب أن يشمل نطاق العقد ما تقتضيه قواعد العدالة، ولو لم ينص العقد، مثل العامل الذي يتعاقد للعمل في مصنع فيتوجب عليــــه ألا يبوح بالإسرار الصناعية التي يطلع عليها ويستطيع القاضي أيضاً أن يلجأ إلى القواعد المكملة في القانـون، أو إلى العــرف.
ثالثاً: - طريقة تنفيذ العقد: يجب على المتعاقدين تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، وفقاً لما نصت عليه المادة 107/01 ق مدني "يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبحسن نية". فمن استأجر سيارة مثلاً لإيصاله إلى مكان معين، بأجرة على المسافة، يجب على السائق سلوك أقرب الطرق. وسوء النية في تنفيذ العقد يسمى غشاً، وهو يقابل التدليس عند تكوين العقد.
1:- وجوب تنفيذ العقد وفقاً لمضمونه :
أ:- المبدأ العام :العقد شريعة المتعاقدين:  "العقد شريعة المتعاقدين، وبالتالي لا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون"، طبقاً لما جاء في المادة 106 ق مدني، وهذا المبدأ يترب عليه:
ü     إلزام المتعاقدين بمضمون عقدهما.
ü     وكذلك يلزم القاضي بمضمون العقد، فليس له نقض العقد بإرادته، ولا تعديله بحجة العدالة.
ولكن في بعض الحالات يمنح القانون بعض السلطات للقاضي، في مجال:
-         إنشاء العقد، كما هو عليه الحال فيما إذا لم يتم الاتفاق على المسائل التفصيلية في العقد (المادة 65 ق مدني): "إذا اتفق طرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد واحتفظا بالمسائل تفصيلية ... لم يشترطا ألا أثر للعقد عند عدم الاتفاق عليها، اعتبر العقد مبرما وإذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الاتفاق عليها، فإن محكمة تقتضي فيها طبقا لطبيعة المعاملة و لأحكام القانون، العرف، والعدالة".
-          سلطة القاضي في تعديــل الشرط الجزائي المفرط (184/02 ق مدني):"لا يكون التعويض المحدد في الاتفاق... ويجوز للقاضي أن يخفض مبلغ التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مفرطا أو ان الالتزام الأصلي قد نفذ في جزء منه"   
-         وفي تعديل الشروط التعسفية في عقود الإذعان (110 ق مدني): " إذا تم العقد بطريقة الإذعان وكان قد تضمن شروطا تعسفية، جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو يعفي الطرف المذعن منها وذلك وفقا لما تقضي به العدالة ...".
2:- نظرية الظروف الطارئة : تنص المادة107/03 ق مدني:
"ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد مراعاة لمصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك".
 ومثال ذلك مقاول يتعاقد مع شخص لبناء عقار بعد مرور مدة من الزمن ترتفع الأسعار بشكل كبير وهذا الأمر يهدده بخسارة كبيرة، فهل يجبر على تطبيق مبدأ العقد شريعة المتعاقدين؟
- شروط تطبيق هذه النظرية: يستلزم تطبيق هذه النظرية توافر الشروط الآتية:
- اختلاف وقت انعقاد العقد عن وقت تنفيذه: حيث المجال الرحب لتطبيق النظرية هو العقود الزمنية.
- أن يطرأ ظرف استثنائي عام، لم يكن في الوسع توقعه: واشــتراط كون الظرف الطارئ استثنائياً هو لإخراج الحادث العادي المألوف، واشتراط كون الظرف الطارئ عاماً هو لإخراج الظرف الاستثنائي الخاص الذي يقتصر على المدين وحده، كمرض المدين، أو تلف محصوله.
- يجب ألا يكون في الوسع توقع الحادث وألا يكون في وسع المدين دفع تأثيره عن نفسه: ومعيار التوقع هنا هو موضوعي، وهو أن يكون الإنسان العادي لو وجد في ظروف المدين لا يستطيع أن يتوقع الحادث. فتدمير وسائل المواصلات في زمن السلم غير متوقع، ولكن بعد إعلان الحرب يصبح أمراً متوقعاً.
 - أن يصبح تنفيذ الالتزام مرهقاً بسبب الظرف الطارئ: فإذا كان الحادث يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً فهو من قبيل القوة القاهرة التي تؤدي إلى انقضاء الالتزام. في حين أن الظرف الطارئ يجعل تنفيذ الالتزام مرهقاً، فهو ممكن
ويكون تنفيذ التزام المدين مرهقاً عندما يؤدي إلى خسارة فادحة تتعدى الحد المعقول. ويقوم الإرهاق على اختلال التوازن الاقتصادي بين الالتزامات المتقابلة، ويتم تقديره بشكل موضوعي لا شخصي.
حكم القانون في الظروف الطارئة: أجاز القانون للقاضي تبعاً للظروف، وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين، أن يرد الالتـزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك، وفقاً لما جاء في المادة 107/03 ق مدني وسلطة القاضي هنا غير عادية لأنها تتجاوز تفسير العقد إلى تعديله، بحيث يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول. وهو لا يقوم بتحويل الخسارة كلها من المدين إلى الدائن. وإنما يوزع الزائد من الخسارة عن الحد المألوف بين الطرفين. ويستطيع القاضي أن ينقص الالتزام المرهق، أو أن يوقف تنفيذ العقد. ولكن لا يستطيع القاضي فسخ العقد استناداً إلى نظرية الظروف الطارئة. وأحكام هذه النظرية من النظام العام لا يجوز الاتفاق على خلافها تحت طائلة البطلان. وإذا زال الظرف الطارئ، عاد المتعاقدان إلى تنفيذ العقد وفقاً لمضمونه.





ليست هناك تعليقات:

المسؤولية العقدية

 المسؤولية العقدية، اضغط على الرابط أدناه 👇👇👇 https://drive.google.com/file/d/1bXExDcv3cI0w3A0P5KARpAPy9FvvjLNu/view?usp=sharing